ذرية إبراهيم

ذرية إبراهيم (عليه السلام) دراسة موضوعية في القران الكريم مستوحات من دراسات وكتب وتفاسير مدرسة الصحابة (رضي الله عنهم ) ومدرسة أهل البيت (عليهم السلام)

" فَلاَ يُدْعَى اسْمُكَ بَعْدُ أَبْرَامَ بَلْ يَكُونُ اسْمُكَ إِبْرَاهِيمَ، لأَنِّي أَجْعَلُكَ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ وَأُثْمِرُكَ كَثِيرًا جِدًّا، وَأَجْعَلُكَ أُمَمًا، وَمُلُوكٌ مِنْكَ يَخْرُجُونَ.  وَأُقِيمُ عَهْدِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ، عَهْدًا أَبَدِيًّا، لأَكُونَ إِلهًا لَكَ وَلِنَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ. وَأُعْطِي لَكَ وَلِنَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ أَرْضَ غُرْبَتِكَ، كُلَّ أَرْضِ كَنْعَانَ مُلْكًا أَبَدِيًّا. وَأَكُونُ إِلهَهُمْ " (التوراة تكوين 17 فقرة 8-5)

 من أهم الأيات التي نزلت في حق خليل الله إبراهيم (عليه السلام) هي هذه الاية لما فيها من المعاني العظيمة والتي هي موضع إختلاف المدرستين، الاية من سورة البقرة وهي:

" وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ " (البقرة 124)

في الأية الكريمة " وإذ " تعني الماضي " إبتلى " أي إمتحن وإختبر و" بكلمات " لها عدة تفاسير ، راجع موضوع الأمامة  في هذه البحوث " إني جاعلك للناس إماما " يعني ان إبراهيم (عليه السلام) جُعِل إماما لكل الناس فالأمامة هي جعل وتنصيب من الله وهي ليست أمراً مكتسباً يستطع أي إنسان ان يحصل عليه. ولكون شخصية إبراهيم (عليه السلام ) كما يصفها القران إنه حليم فهو يسأل الله (سبحانه وتعالى) " ومن ذريتي " حيث يطلب من الله أن يقلد ذريته وسام درجة الأمامة كما قلدها له وبعد أن تم تنصيبه لهذه المرتبة، وكانت هناك إستجابة من الله لهذا الطلب ولكن " قال لا ينال عهدي الظالمين " والظلم هنا يعني كل إنواع الظلم صغيره وكبيره وبالأخص الشِرْك حتى لو كان قَطرة وبأي نوع كان. والشرك هو من الظلم كما ورد في سورة لقمان " وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عظيم " (لقمان 13) وفي الأية التالية من سورة الزخرف فأن الله جعل التوحيد (الكلمة) في ذرية إبراهيم من لصالحين لذلك فهم الأئمة الواجب إتباعهم منهم رسول الله محمد (صلى الله عليه واله سلّم) وأهل بيته (عليهم السلام) الذين أذهب الله عنهم الرِجسَ وطَهّرهم تطهيراً كما في أية التطهير. ولا يمكن ان يكون هناك إماما يقتدي به الناس إلا ان يكون من ذرية إبراهيم من إسماعيل وإسحاق ولا يمكن الأقتداء به إلا ان يكون من الصالحين المطهلرين.

" وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ، إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ، وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" (الزخرف 28)


وعندما أعلن إبراهيم كلمة التوحيد " إنني براء مما تعبدون" جعلها الله باقية في ذريته "عقبه " أي ان التوحيد أصبح جزء من عقيدة ذريته حتى قبل ان يولدوا وهذا يشمل بالطبع رسولنا محمد (صلى الله عليه واله وسلّم) وابائه وذريته من أهل بيته والى يوم القيامة.

لمزيد من المعلومات أنظر بحث الأمامة  في سلسلة البحوث هذه

" وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيم: «وَأَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي، أَنْتَ وَنَسْلُكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ" (التوراة تكوين 17 / 9)

فقد طلب إبراهيم من الله (عزّ وجلّ ) في بداية حياته ان يهب له ذرية من الصالحين كما في الأية 101 الكريمة التالية من سورة الصافات وسيأتي شرح الأية بالتفصيل في هذا البحث. وفي التوراة (تكوين 22 : 18) إثبات أن في نسل إبراهيم (ذريته) النبوّة وان الأمم ستتبرّك بهم.

" أباركك مباركة، وأكثر نسلك تكثيراً كنجوم السماء .. ويرث نسلك باب اعدائه، ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض "  ( التوراة تك 22 : 18 )

إبراهيم وذريته (عليهم السلام)

ولد إبراهيم (عليه السلام) في بابل (في العراق) في دولة الأكديين فترة جكم نمرود وذرية أبراهيم (عليه السلام) هم من ولديه إسماعيل (عليه السلام) وهو البكر، ولد ولأبراهيم من العمر ست وثمانون سنة (حسب الروايات)، وأمه هاجر القبطية . والثاني إسحاق (عليه السلام) ولد بعد ان وصل إبراهيم (عليه السلام) حوالي مائة سنة (حسب الروايات) من زوجتيه سارة وقد وضع الله سبحانه وتعالى في إبنيه إسماعيل وإسحاق وذريتهما النبوة ورفعهم درجات عن باقي البشر.

ويبين الله سبحانه وتعالى قصة إسماعيل الذبيح في سورة الصافات:

" رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ، فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ، فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ " (الصافات: 101)

دعاء إبراهيم لربه أن يهب له ذرية صالحة كانت منذ بداية حياته ، فبشره الله بغلام (ذكر) حليم وهي صفة الحلم إنفرد بها إسماعيل (عليه السلام) ، حيث لم يصف الله غيره وأبيه إبراهيم (عليه السلام) بهذه الصفة كما في الأية التاليه: " إن إبراهيم لحليم أواه منيب " (هود 75) . والمراد " بلغ معه السعي " يعني وصل الى عمر يستطع ان يعمل مع أبيه أي عمر المراهقة. وقوله " أني أرى" اي عدة مرات فلو كانت مرّة واحدة لقال اني رأيتُ. ثم قول إسماعيل " إفعل ما تُؤمَر " تدل على أن اسماعيل كان مؤمنا بالله وهو يعلم ان الأمر من الله (عزّ وجلّ). وصفة الصبر " من الصابرين " وفي سورة البلد يقسم الله ب" هذا البلد " اي مكة المكرّمة ثم بأبراهيم وولده إسماعيل (عليهم السلام ) فيقول " وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ " فالله يمدح الوالد  وما ولد ويمدح إسماعيل بتعجب وقد تشمل ذرية إسماعيل (عليه السلام) لكون الله يتحدث عن الكعبة.

" وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ، وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا " (مريم: 54)

كيف يصف القران في الاية السابقة إسماعيل بأنه رسول ؟ فما هو الفرق بين الرسول والنبي ؟ راجع موضوع الرُسُل والأنبياء في هذه البحوث.

" أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوح وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا " (مريم 58 ).

وفي الاية من سورة مريم هناك فصل بين ذرية إبراهيم بصورة عامة من اسماعيل وإسحاق (عليهم السلام) وذرية ابن إسحاق يعقوب (عليه السلام) الملقب هنا بأسرائيل.

الاية الكريمة التالية تؤكد ان الإيمان لن يكتمل إلا إذا أمنا بالله ، وهو إيمانٌ فطري، و الأيمان برسالة محمد (صلى الله عليه واله وسلّم) وكذلك بما أَنِزلَ على إبراهيم وذريته من بعده. والأيه تتحدث الى اليهود والنصارى الذين يريدون ان تقتصر الهداية على اليهودية والنصرانية (وهذا ليس من صلب بحثنا).

"  قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ " ([البقرة: 136)

من الاية الكريمة أعلاه فأن رسالة إبراهيم (عليه وعليهم السلام) مستمرّة في ولديه إسماعيل وإسحاق وجاء بعد إسحاق إبنه يعقوب ثم الأسباط ومعنى كلمة الأسباط عند اليهود القبائل وهم إثنا عشر قبيلة إنحدروا من أبناء يعقوب الأثني عشر أي يوسف (عليه السلام) وأخوته الأحد عشر وليس بالضرورة أن يكون أخوة يوسف أنبياء ولكن رسالة إبراهيم إستمرت في ذريتهم وفي ذريتهم كان هنالك أنبياء على ملة إبراهيم ثم أوتي موسى وعيسى (عليهم السلام) الرسالة أثناء ذلك.

والايات التالية تؤيد نبوة ذرية إبراهيم (عليه السلام):

" وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى " ( النساء - 163)

" إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ " (ال عمران 33)

" وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ " (العنكبوت 27)

 الإمامة في ذرية إبراهيم

لنعود مرّة أخرى الى الأية 124 من سورة البقرة في بدابة البحث فقد جَعَل الله إبراهيم (عليه السلام) أماماً وهو منصب الاهي (جَعِل) يقلده لمن شاء وإبراهيم (حسب الضاهر) اول من مُنِحَ هذا المنصب بعد أن كان نبياً في بداية حياته ورسولا وبعد ان مرّ وأتّم الأبتلاءات (الكلمات حسب الأية) ثم تقليده منصب الأمامة. وقد طلب من الله أن تكون الأمامة في ذريته والله (سبحانه وتعالى) وافقه على ذلك ولكن فقط لذريته الذين ليسوا بظالمين. والظالمين هم الذين لم يرتكبوا اي عمل مخالف لأوامر الله أبداً. وفي الاية التالية من سورة الأنبياء تؤيد كون الأمامة مستمرّة في الصالحين من ذرية إبراهيم (عليه السلام).

" ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين ، وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ " (الأنبياء 73)

النافلة هي العطية وقد جعل الله الامامة في إسحاق ويعقوب وغرض الامامة التي هي إضافة الى النبوّة مذكورة في الاية الشابقة وهي هداية الأمّة بأمر الله بعد التبليغ والهداية معناها تنوير الدرب وإيصال الناس عملياً الى السراط المستقيم (الأخذ باليد) وللمزيد عن عقيدة الأمامة يرجى الأطلاع على موضوع الأمامة في هذه البحوث.

 وكما أسلفنا فأنه ليس كل من في ذرية إبراهيم يستحق لقب الأمام ولكن فقط من هم صالحين، كما جاء في الأية 124 من سورة البقرة حيث أن في ذرية إبراهم من هم غير صالحين، كما في الاية التالية من سورة الصافات فالظالمين لنفسهم من الذرية لا يستحقون الأمامة:

" إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ، وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ، وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ " (الصافات 111)

وما إنطبق على ذرية إبراهيم من ناحية وَلَده إسحاق (عليه السلام) ينطبق على ذريته من إسماعيل (عليه السلام) وهم حسب الروايات التاريخية عرب الشمال في الجزيرة (عرب مُضَر) عدنان وهم ليسوا بعرب قبائل اليمن التي هاجرت الى الجزيرة وروي عن الرسول (صلى الله عليه وسلّم) قال: " لا تسبوا مضر وربيعة فإنّهم كانوا مسلمين " (تاريخ اليعقوبي والطبقات الكبرى). وفي الأية الكريمة من سورة البقرة،

" وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " (البقرة 127)

ومرة أخرى يدعوا إبراهيم (عليه السلام )، مع إسماعيل (عليه السلام)، لذريتهما من إسماعيل ليجعلهم مسلمين، ومرة أخرى فهو جَعْل من الله وتنصيب فالدعاء لا يشمل عامة الناس ولكن يشمل ذريته من إسماعيل اي الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلّم) وهي تشمل أجداد وأعمام ووالد الرسول من صلح منهم وكذلك أهل بيت الرسول (عليهم السلام) وهم جميعا من ذرية أسماعيل (عليه السلام).

الرسول وأهل بيته وذريته

والرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلّم) من قبيلة مُضَر وهو طبعاً من ذُرّية إسماعيل وهو إمام بالأضافة الى كونه نبي الله ورسوله. وبين إسماعيل والرسول الخاتم مجموعة من أولياء الله الذين استمروا على دين إبراهيم الحنيف من أمثال عبد المطلب (عليه السلام) جد الرسول وأولاده ومنهم والد الرسول عبد الله وعمه ابو طالب وعمه عقيل ولكنهم كانوا فقط مُمُهِدين لرسول الله محمد. كما في الاية الكريمة من سورة الجمعة:

" هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَال مُبِين  وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" (الجمعة 5)

الأمين هم أهل مكة ، ومعنى الأمين الذين هم أمة واحدة ، وجد الرسول عبد المطلب وذريته هم الذين ذكروا في الاية الكريمة " واخرين منهم لما يلحقوا بهم " و "منهم"  اي من الأمين و" بهم" عائدة للذين في ضلال مبين أي ان الرسول بُعِث ايضا للأخرين الذين لم يلحقوا بالمشركين ذلك فضلٌ من الله يؤتيه من يشاء وقد يكون فضل الله على الأحناف الذين لم يعبدوا الأصنام او فضل الله للجميع.
,وفي حديث لرسول الله (كما رواه مسلم والترمذي وأحمد)

" إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم " (حديث شريف)

وفي كمال الدين وتمام النعمة (لقطب الدين الراوندي) عن علي (عليه السلام) " والله ما عَبَدَ أبي ولا جدي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنماً قط . فقيل له : وما كانوا يعبدون ؟ قال : كانوا يصلُّون إلى البيت على دين إبراهيم عليه السلام متمسِّكين به "

والاية التالية من سورة الشعراء تؤيد أعلاه

«و تقلبك في الساجدين» (الشعراء 217) معناها و تقلبك في أصلاب الساجدين الموحدين من نبي إلى نبي حتى أخرجك نبيا من صلب أبيه الموحد الحنيفي المسلم
أما بعد وفاة الرسول فالله قد جعل الأمامة في ذريته اهل بيته (صلى الله عليه واله وسلّم) بصفتهم من ذرية إبراهيم (عليه السلام) لكونهم المُطَهرّون بنص أية التطهير في القران الكريم " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" (الاحزاب 33) ، وهم (علي وفاطمة والحسن والحسين) ، الذين نزلت فيهم اية التطهير . هم إستمرارية ذرية إبراهيم من إسماعيل وهم إثني عشر إماماً (كما هو حال الأسباط من ولد إسحاق) تولوا الأمامة تتابعاً وبهم أكمل الله الدين الى يوم القيامة وأخرهم المهدي (عليه السلام) أماماً للعالمين يصلي خلفه عيسى بن مريم (عليه السلام) وحسب ما تقدم فهو يجب أن يكون من ذرية إبراهيم الأطهار ليكون إماماً.وفي التوراة (تكوين 17 : 20)

" وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ.هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيراً جِدّاً.اثْنَيْ عَشَرَ رَئِيساً يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً " (التوراة تكوين 17)

واضح من التوراة أن في ذرية إسماعيل الأمامة (الرئاسة) وهم إثنا عشر بعدد أئمة أهل بيت الرسول الذين نص عليم الرسول كما هو في صحيح مسلم والأخرين

صحيح مسلم: في كتاب الإمارة في باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش ( صفحة 191 الجزء 2 ق 1 طبعة مصر سنة 1348 هجري ) حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن حسين عن جابر بن سمرة قال: قال: سمعت النبي يقول:- ح وحدثنا رفاعة بن الهيثم الواسطي، واللفظ له حدثنا خالد يعني ابن عبد الله الطحان عن حصين عن جابر بن سمرة قال: دخلت مع النبي فسمعته يقول: " ان هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضى فيهم اثنا عشر خليفة ثم تكلم بكلام خفي عليَّ فقلت لأبي: ما قال ؟ قال: كلهم من قريش .


بينما ينفرد مصابيح الموّدة بذكر ما قال رسول الله وهو سبب اخفاء صوته على قريش

ينابيع المودة: ( صفحة 445 طبعة اسلامبول ) عن كتاب مودة القربى عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال: كنت مع أبى عند النبي (صلى الله عليه وآله) فسمعته يقول: " بعدي اثني عشر خليفة ثم أخفى صوته فقلت لأبي ما الذي أخفى صوته ؟ قال: قال: " كلهم من بني هاشم " .

وأخيرا فأن دعاء إبراهيم (عليه السلام) يطلب الى الله (عز وجل) في الأية الكريمة التالية ان تهوى أفئدة بعض الناس الى ذريته وهم الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم) واهل بيته

" رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ " (ابراهيم 37)

والاية الكريمة تنسجم مع أختها في سورة الشورى " قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى " (الشورى 23) فالمدة الى قربى الرسول وهم أهل بيته.

والله أعلم