الأبرار دراسة موضوعية في القران الكريم مستوحات من دراسات وبحوث وتفاسير مدرسة الصحابة (رضي الله عنهم) ومدرسة اهل البيت (عليهم السلام)
الأبرار باللغة مشتقة من " البِرَّ " وهو بعدة معاني مثل الإحِسان والصِدق والطاعة والبَرُّ هو من أسماء الله الحسنى ويعني المُحِسن لعباده " إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ " (الطور 28)
وفي القران عدد من الأيات التي تذكر البِرَّ وهي تحتمل المعاني الثلاثة
" لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ " (ال عمران 92)
أي ان الأنسان لا يمكن ان ينال مرتبة الأبرار حتى ينفق في سبيل الله مما يحب، فإذا كان الأنسان يحب المال فيجب أن ينفق منه كثيرا بقدر ما يحبه ليصل الى مرتبة الأبرار وان كان يحب نفسه فليعطي منها في سبيل الله والقصة المروية في القران الكريم عن أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلّم) في سورة الأنسان خير دليل على ما هو المقصود في الأية السابقة:
" وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا " (الأنسان 8)
وذكر إبن كثير في تفسيره لهذه الأية ( عَلَى حُبّه " قِيلَ عَلَى حُبّ اللَّه تَعَالَى وَجَعَلُوا الضَّمِير عَائِدًا إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِدَلَالَةِ السِّيَاق عَلَيْهِ وَالْأَظْهَر أَنَّ الضَّمِير عَائِد عَلَى الطَّعَام أَيْ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَام فِي حَال مَحَبَّتهمْ وَشَهْوَتهمْ لَهُ ) أما الطبري فذكر (كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار يُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبّهمْ إِيَّاهُ , وَشَهْوَتهمْ لَهُ ) وقد إتفق اكثر المفسرين ان الهاء عائدة للطعام وقد ذكر الطبري أنهم الأبرار.
هؤلاء الأربعة من أهل البيت هم :علي وفاطمة والحسن والحسين: (عليهم السلام) يطعمون الطعام على حبه (والهاء عائدة الى الطعام) لأنهم كانوا صياما وهذه هي قصتهم وسبب نزول هذه الأية مروي عن: قتادة ، والحسن البصري ، ومجاهد ، والضحاك ، وابن جبير ، وابن مسعود ، وابن عباس
وحسب تفسير الكشاف للزمخشري: " عن ابن عباس (رضي الله عنه ) : " أن الحسن والحسين مرضا ، فعادهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ناس معه، فقالوا ياأباالحسن لو نذرت على ولديك، فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما، إن برئا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام، فشفيا وما معهما شئ، فاستقرض عليٌ من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل فقال:السلام عليكم أهل بيت محمد،مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء، وأصبحوا صياماً، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه، ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك ، فلما أصبحوا أخذ علي (رض) بيد الحسن والحسين وأقبلوا الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع، قال ما أشد ما يسوؤني ما أرى بكم، وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها، وقد التصق بطنها في ظهرها، وغارت عيناها فساءه ذلك، فنزل عليه جبرئيل عليه السلام وقال: خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتك، فأقرأه السورة ". انتهى :
وطبعا هنالك أخرين كثيرين وصلوا الى مرتبة الأبرار بأعمالهم وما تقدم عن أهل بيت رسول الله هو مثال لما هو مذكور في القران الكريم. لذلك فالمطلوب معرفة كيف يترقى المؤمن الى مرتبة الأبرار، مما تقدم احدها الإنفاق مما يحب الشخص والثاني هو في الاية الكريمة التالية:
" يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " (البقرة 189)
البر في هذه الأية تعني (الطاعة) وأتيان البيوت من أبوابها من البر هذا هو ظاهر الأية وعند التدّبر في الأية الكريمة فالبيوت قد تعني العلوم القرانية والدينية والله يعد المؤمنين المتّقين الذين يأتون هذه العلوم من مصادرها ومنابعها الصحيحة وليس من مصادرمخالفة (من ظهورها) إنهم يعتبرون من الأبرار. والان كيف نعرف المصادر الصحيحة لتدخلنا الى بيوت العلم، أحد الطرق هو حديث رسول الله:
" أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها فمن اراد المدينة فليأتي من بابها" رواه وهذا يعني ان الأنسان إذا اراد الوصول الى مرتبة الأبرار يجب ان يأخد دينه من الرسول (صلى الله عليه واله وسلّم) عن طريق عليّ (عليه السلام) والأئمة المعصومين من بعده.
أما الأية التالية في سورة البقرة فالطريق الى درجة الأبرار واضح
" لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ " (البقرة 177)
وفي تفاسير مدرسة الصحابة (رضي الله عنهم) حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن عَبْد الرَّحْمَن قَالَ جَاءَ رَجُل إِلَى أَبِي ذَرّ فَقَالَ مَا الْإِيمَان ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة " لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ " حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا فَقَالَ الرَّجُل لَيْسَ عَنْ الْبِرّ سَأَلْتُك فَقَالَ أَبُو ذَرّ : جَاءَ رَجُل إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلْتنِي عَنْهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة فَأَبَى أَنْ يَرْضَى كَمَا أَبَيْت أَنْ تَرْضَى فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشَارَ بِيَدِهِ " الْمُؤْمِنُ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً سَرَّتْهُ وَرَجَا ثَوَابَهَا وَإِذَا عَمِلَ سَيِّئَةً أَحْزَنَتْهُ وَخَافَ عِقَابَهَا" رَوَاهُ اِبْن مَرْدَوَيْهِ
وأخيرا كلنا نقراء الاية 193 من سورة ال عمران وهو دعاء الى الله (سبحانه وتعالى) بأن يلحقنا بالأبرار. لذلك يتوجب علينا اذا قرائنا الأية ان نتفكّر كيف نصل لهذه الدرجة علينا ان نكون من الصادقين كما تذكر الاية 177 من سورة البقرة ثم نأخد علوم ديننا من اهل بيت الرسول كما في الاية 189 من سورة البقرة وأخيرا ننفق ممنا نحب كما هو في الايتين 92 من سورة ال عمران و177 من البقرة.
" رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ " (ال عمران 193)
والان ما هو موقع الأبرار عند الله، هم في الجنّة في منزلة تأتي بعد منزلة المقربين وتشترك معها في كون الابرار والمقربون هم جميعا في جنات النعيم وهي أعلى درجات الجنان ولو ان جنة النعيم ايضا فيها مستويات كما سيأتي،
" كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ، كِتَابٌ مَرْقُومٌ، يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ " (المطففين 19)
كتاب الأبرار يبين أعمالهم وهم النخب المصطفين من البشر إصطفاهم الله لأعمالهم ومنزلتهم الرفيعة وكتاب الأبرار في اعلى الدرجات الممكنة يشهده المقربون ويستبشرون بهم وهم في جنات النعيم مع المقربون كما في الايات التي تليها.
ومنزلة الأبرار في جنة النعيم وحالهم في الجنة تتحدث عنه الايات التالية:
" إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ، عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ، تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ، يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ، وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ، عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ " (المطففين 22)
الأبرار في جنات النعيم والله يحثنا على التنافس للوصول الى درجة الأبرار يسقون من شراب ينتهي مذاقه بطعم المسك وهو ممزوجٌ بقليل من مادة التسنيم لتعطي شيئاً من مزاجها بينما التسنيم هي عينا يشرب بها المقربون في نفس جنة النعيم.
وكذلك فأن الأبرار يشربون من كأس (شراب) مزاجه كافورا (اي مخلوط بالكافور) ولكن هذا الكافور ينبع من عين يفجرها المقربون (عباد الله) في نفس جنة النعيم فهم يشربونها خالصة غير ممزوجة " يشرب بها " كما في الايات 5 الكريمة التالية من سورة الانسان
" إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا، عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا " (الانسان 5)
تكملة الأبات من سورة الأنسان تتحدث عن منزلة أهل بيت الرسول الذين أنفقوا مما يحبون ووصلوا الى درجة الأبرار،
البررة:
والحمد لله
الأبرار باللغة مشتقة من " البِرَّ " وهو بعدة معاني مثل الإحِسان والصِدق والطاعة والبَرُّ هو من أسماء الله الحسنى ويعني المُحِسن لعباده " إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ " (الطور 28)
وفي القران عدد من الأيات التي تذكر البِرَّ وهي تحتمل المعاني الثلاثة
" لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ " (ال عمران 92)
أي ان الأنسان لا يمكن ان ينال مرتبة الأبرار حتى ينفق في سبيل الله مما يحب، فإذا كان الأنسان يحب المال فيجب أن ينفق منه كثيرا بقدر ما يحبه ليصل الى مرتبة الأبرار وان كان يحب نفسه فليعطي منها في سبيل الله والقصة المروية في القران الكريم عن أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلّم) في سورة الأنسان خير دليل على ما هو المقصود في الأية السابقة:
" وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا " (الأنسان 8)
وذكر إبن كثير في تفسيره لهذه الأية ( عَلَى حُبّه " قِيلَ عَلَى حُبّ اللَّه تَعَالَى وَجَعَلُوا الضَّمِير عَائِدًا إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِدَلَالَةِ السِّيَاق عَلَيْهِ وَالْأَظْهَر أَنَّ الضَّمِير عَائِد عَلَى الطَّعَام أَيْ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَام فِي حَال مَحَبَّتهمْ وَشَهْوَتهمْ لَهُ ) أما الطبري فذكر (كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَبْرَار يُطْعِمُونَ الطَّعَام عَلَى حُبّهمْ إِيَّاهُ , وَشَهْوَتهمْ لَهُ ) وقد إتفق اكثر المفسرين ان الهاء عائدة للطعام وقد ذكر الطبري أنهم الأبرار.
هؤلاء الأربعة من أهل البيت هم :علي وفاطمة والحسن والحسين: (عليهم السلام) يطعمون الطعام على حبه (والهاء عائدة الى الطعام) لأنهم كانوا صياما وهذه هي قصتهم وسبب نزول هذه الأية مروي عن: قتادة ، والحسن البصري ، ومجاهد ، والضحاك ، وابن جبير ، وابن مسعود ، وابن عباس
وحسب تفسير الكشاف للزمخشري: " عن ابن عباس (رضي الله عنه ) : " أن الحسن والحسين مرضا ، فعادهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ناس معه، فقالوا ياأباالحسن لو نذرت على ولديك، فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما، إن برئا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام، فشفيا وما معهما شئ، فاستقرض عليٌ من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل فقال:السلام عليكم أهل بيت محمد،مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء، وأصبحوا صياماً، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه، ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك ، فلما أصبحوا أخذ علي (رض) بيد الحسن والحسين وأقبلوا الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع، قال ما أشد ما يسوؤني ما أرى بكم، وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها، وقد التصق بطنها في ظهرها، وغارت عيناها فساءه ذلك، فنزل عليه جبرئيل عليه السلام وقال: خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتك، فأقرأه السورة ". انتهى :
وطبعا هنالك أخرين كثيرين وصلوا الى مرتبة الأبرار بأعمالهم وما تقدم عن أهل بيت رسول الله هو مثال لما هو مذكور في القران الكريم. لذلك فالمطلوب معرفة كيف يترقى المؤمن الى مرتبة الأبرار، مما تقدم احدها الإنفاق مما يحب الشخص والثاني هو في الاية الكريمة التالية:
" يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " (البقرة 189)
البر في هذه الأية تعني (الطاعة) وأتيان البيوت من أبوابها من البر هذا هو ظاهر الأية وعند التدّبر في الأية الكريمة فالبيوت قد تعني العلوم القرانية والدينية والله يعد المؤمنين المتّقين الذين يأتون هذه العلوم من مصادرها ومنابعها الصحيحة وليس من مصادرمخالفة (من ظهورها) إنهم يعتبرون من الأبرار. والان كيف نعرف المصادر الصحيحة لتدخلنا الى بيوت العلم، أحد الطرق هو حديث رسول الله:
" أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها فمن اراد المدينة فليأتي من بابها" رواه وهذا يعني ان الأنسان إذا اراد الوصول الى مرتبة الأبرار يجب ان يأخد دينه من الرسول (صلى الله عليه واله وسلّم) عن طريق عليّ (عليه السلام) والأئمة المعصومين من بعده.
أما الأية التالية في سورة البقرة فالطريق الى درجة الأبرار واضح
" لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ " (البقرة 177)
وفي تفاسير مدرسة الصحابة (رضي الله عنهم) حَدَّثَنَا الْقَاسِم بْن عَبْد الرَّحْمَن قَالَ جَاءَ رَجُل إِلَى أَبِي ذَرّ فَقَالَ مَا الْإِيمَان ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة " لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ " حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا فَقَالَ الرَّجُل لَيْسَ عَنْ الْبِرّ سَأَلْتُك فَقَالَ أَبُو ذَرّ : جَاءَ رَجُل إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلْتنِي عَنْهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَة فَأَبَى أَنْ يَرْضَى كَمَا أَبَيْت أَنْ تَرْضَى فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشَارَ بِيَدِهِ " الْمُؤْمِنُ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً سَرَّتْهُ وَرَجَا ثَوَابَهَا وَإِذَا عَمِلَ سَيِّئَةً أَحْزَنَتْهُ وَخَافَ عِقَابَهَا" رَوَاهُ اِبْن مَرْدَوَيْهِ
وأخيرا كلنا نقراء الاية 193 من سورة ال عمران وهو دعاء الى الله (سبحانه وتعالى) بأن يلحقنا بالأبرار. لذلك يتوجب علينا اذا قرائنا الأية ان نتفكّر كيف نصل لهذه الدرجة علينا ان نكون من الصادقين كما تذكر الاية 177 من سورة البقرة ثم نأخد علوم ديننا من اهل بيت الرسول كما في الاية 189 من سورة البقرة وأخيرا ننفق ممنا نحب كما هو في الايتين 92 من سورة ال عمران و177 من البقرة.
" رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ " (ال عمران 193)
والان ما هو موقع الأبرار عند الله، هم في الجنّة في منزلة تأتي بعد منزلة المقربين وتشترك معها في كون الابرار والمقربون هم جميعا في جنات النعيم وهي أعلى درجات الجنان ولو ان جنة النعيم ايضا فيها مستويات كما سيأتي،
" كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ، كِتَابٌ مَرْقُومٌ، يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ " (المطففين 19)
كتاب الأبرار يبين أعمالهم وهم النخب المصطفين من البشر إصطفاهم الله لأعمالهم ومنزلتهم الرفيعة وكتاب الأبرار في اعلى الدرجات الممكنة يشهده المقربون ويستبشرون بهم وهم في جنات النعيم مع المقربون كما في الايات التي تليها.
ومنزلة الأبرار في جنة النعيم وحالهم في الجنة تتحدث عنه الايات التالية:
" إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ، عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ، تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ، يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ، وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ، عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ " (المطففين 22)
الأبرار في جنات النعيم والله يحثنا على التنافس للوصول الى درجة الأبرار يسقون من شراب ينتهي مذاقه بطعم المسك وهو ممزوجٌ بقليل من مادة التسنيم لتعطي شيئاً من مزاجها بينما التسنيم هي عينا يشرب بها المقربون في نفس جنة النعيم.
وكذلك فأن الأبرار يشربون من كأس (شراب) مزاجه كافورا (اي مخلوط بالكافور) ولكن هذا الكافور ينبع من عين يفجرها المقربون (عباد الله) في نفس جنة النعيم فهم يشربونها خالصة غير ممزوجة " يشرب بها " كما في الايات 5 الكريمة التالية من سورة الانسان
" إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا، عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا " (الانسان 5)
تكملة الأبات من سورة الأنسان تتحدث عن منزلة أهل بيت الرسول الذين أنفقوا مما يحبون ووصلوا الى درجة الأبرار،
البررة:
والحمد لله